«ماسكا فيونا»، «بييس»، «نو»، «يو أندى»، «بان إيسى»، «وينجى»، تلك هى بعض من مفردات اللغة النوبية، وتعنى حسب ترتيب كتابتها، «صباح الخير»، «أخ»، «جد» و«أمى» و«عمة»، أما الأخيرة فتعنى «نجم»، حيث يصف خبراء اللغة النوبية، بأنها طبقات متراكبة من كل لغات حوض نهر النيل، والكتابات المصرية عبر تاريخها منذ الهيروغليفية والديموطيقية، مروراً باللغة اليونانية القديمة، انتهاءً بالعربية.
ويقول عنها أهلها، أنها باتت، رغم تراجع التحدث بها من قبل الأجيال الحديثة، أقدم لغة متكلمة ومكتوبة، فى تاريخ البشرية بعد اندثار الفرعونية والقبطية القديمة، يصرون فى النوبة، سواء أكانوا من الكنوز أو الفديكا، على التحدث بها حفاظاً على بقائها، بعد انتشار الحديث بلهجة باقى المدن المصرية.
تعرف الموسوعة العالمية للغات، اللغة النوبية بأنها لغة نيلية صحراوية، يتحدث بها سكان جنوب مصر وشمال السودان، ويبلغ عدد الناطقين بها، نحو مليون نسمة.
ويقول المؤرخون إنه عندما عرفت بلاد النوبة الدين المسيحى، واعتنقه أهلها، كانوا بحاجة إلى ترجمة الإنجيل إلى لغتهم كى يفهموه، فاستعاروا حروف اللغة القبطية، التى أخذها المصريون من الحروف اليونانية، وأضافوا إليها بعض حروف اللغة الديموطيقية، لتصبح اللغة النوبية لغة قراءة وكتابة، بعد أن كانت لغة تخاطب فقط.
وهو ما استمر حتى القرن الخامس عشر الميلادى، حين أخذت اللغة العربية التى يتحدث بها المسلمون فى الانتشار، حيث كانت القبطية هى السائدة.
وعلى الرغم من انتشار العربية، فإن النوبيين حافظوا على لغتهم ومفرداتها فيما بينهم، فإنه من النادر أن تجد من يكتبها الآن.
ويقسم النوبيون فى جنوب مصر لغتهم إلى لهجتين حسب تصنيفهم لأنفسهم، فهناك لهجة نوبة الكنوز، ولهجة نوبة الفديكا، والاختلافات بينهما ناشئة عن أصل كل من اللهجتين، كما يقول خبراء اللغة النوبية، فيعود أصل «الكنزية» إلى اللهجة «الدنقلاوية» نسبة إلى دنقلة فى السودان، بينما يعود أصل «الفديكا» إلى اللهجة «المحسية»، التى كان يتحدث بها سكان شمال السودان.
ويرى بعض المتعصبين لتاريخ النوبة ولغتها، أن تراجع استخدام اللهجات النوبية، وانقراض بعضها الآخر، نتج عن عمليات التعريب القسرية التى تعرضت لها بلاد النوبة، وهو زعم يجافى الواقع، حيث تؤكد الشواهد التاريخية لدى النوبيين أنفسهم، أن لغتهم مرت بالعديد من محطات التطور، نتيجة وفود العديد من الأجناس على تلك المنطقة، بدءاً من الفرعونية القديمة انتهاءً بالعربية،
كما أن سيادة لغة على أخرى كان دوماً يرتبط بالديانة التى يؤمنون بها، وهو ما يؤكده دكتور ميلاد حنا، الذى يرى أن استخدام اللغات واللهجات فى العالم كله يأتى حسب احتياجات المتكلمين بها.
ويكفى اللغة النوبية وأهلها فخراً، أنها وكما قال الكاتب محمد حسنين هيكل فى إحدى حواراته فى الجزيرة، كانت لغة الشفرة فى حرب أكتوبر 1973.
وفشل العدو الصهيونى فى فك رموزها، ويكون للنوبيين فضل المساهمة فى نصر أكتوبر. وأخيراً لا نملك إلا القول:«ماسكا جرو» التى تعنى بالنوبية «السلام عليكم».
المصدر : المصري اليوم