أسوان (مصر) – مروة جمال:
المتحف المصري في قلب القاهرة، ليس وحده من يبوح لزائريه بأسرار التاريخ، على هامش الإحتفاء باليوم العالمي للمتاحف، ففي الطريق المؤدي إلى مطار أسوان، جنوب البلاد، وعلى ربوة مرتفعة من الحجر الرملي والصخور الغرانيتية ذات التكوينات المتدرجة، تجد أبواب «متحف النوبة» الشهير فتحت لزوارها أيضا لتحكي جزءا آخر من حضارة ما قبل التاريخ.
واليوم العالمي للمتاحف يحتفل فيه العالم كل عام في الثامن عشر من مايو/آيار، وبحسب مجلس المتاحف العالمي، فإن الغاية من هذه المناسبة هي «إتاحة الفرصة للمختصين بالمتاحف للتواصل مع العامة وتنبههم للتحديات التي تواجه المتاحف».
«النوبة» تلك الكلمة الفرعونية، التي تعني الذهب، والتي شبهت جبالها بالذهب، الذي يلفظ من بطن الجبال لكثرته، تحتضن في موقعها جنوب مصر موقع متحف النوبة، الذي «شهد اليوم (أمس) إقبالا لافتا على زيارته»، بحسب حسني عبدالرحيم، مدير عام متحف النوبة.
حسني عبدالرحيم، قال إنه «في اليوم ذاته من كل عام يفضل أهالي النوبة وأسوان الإحتفال باليوم العالمي للمتاحف بين جنبات المتحف كونه يحمل بالنسبة لهم رمزية خاصة وهي أنه يضم كل ما تبقى من آثار حضارتهم العريقة .
وأضاف «المتحف تم بناؤه بالكامل على الطراز النوبي المعماري وإفتتح عام 1997، وحصل على جائزة أفضل مبنى معماري في العالم عام 2001، لذلك يعتز به النوبيون، وكثيرون يعتبرونه خير دليل حضاري يعرّف العالم بحضارتهم في المناسبات الدولية الهامة كاليوم العالمي للمتاحف».
وحول قيمته التاريخية، قال محمد أحمد، مرشد سياحي، إن حضارة النوبة، رغم عراقتها إلا أنها كانت متنقلة لأن قبائل الرّحالة في النوبة كانت تتنقل من مكان لآخر، على عكس حضارة قدماء المصريين «الفراعنة» التي إخترعت الكتابة التصويرية لتخليد ملامح الحضارة النوبية في هذا العصر.
وأضاف أنه «بعد بناء سد أسوان القديم عام 1902 توقف فيضان النيل فبدأ النوبيون في الإقامة بالنوبة، وإستخرجوا ثروات طائلة من باطن الأرض لذلك تعرف مدينتهم تاريخيا باسم «نوبة الذهب».
ومضى قائلا إنه «بعد بناء السد العالي إرتفع منسوب مياه بحيرة ناصر 182 مترا فغرقت النوبة بكل ما فيها من معالم حضارية، وكانت تقدر مساحة النوبة آنذاك بـ 700 كيلو متر ممتدة من السد العالي حتى شمال السودان وأصبح منها 550 كيلو مترا تحت الماء».
وأوضح أن سُمك طمي النيل ووجود تماسيح مفترسة يصل طول بعضها إلى عشرة أمتار عوامل أدّت لصعوبة التنقيب عن آثار الحضارة الغارقة، فتمت الإستعانة بخمسة آلآف نقش صخري رسم في 954 موقعا مختلفا على واجهات الصخر الممتد على ضفتي نهر النيل، مما رسمها النوبيون لحضارتهم من أجل تحديد أماكن المعابد الغارقة وإنتشالها، وبالفعل تم إنقاذ 24 معبدا من أصل 44 .
المرشد السياحي قال إن المتحف يحتوي على خمسة آلاف قطعة أثرية تمثل مراحل تطور الحضارة والتراث النوبي، ويضم العرض الخارجي للمتحف 68 قطعة فريدة من التماثيل الكبيرة واللوحات الأثرية مختلفة الأحجام. ويعد هيكل عظمي لإنسان عمره 200 ألف سنة كان قد عثر عليه سنة 1982، أحد أندر معروضات المتحف.
ووفقا للمصدر ذاته داخل أروقة المتحف تم حفر قنوات وبحيرات ترمز إلى نهر النيل من المنبع إلى المصب، فضلا عن مجموعة جنادل توضح العلاقة بين النهر والقرى النوبية علاوة على مسرح مكشوف تعرض عليه فنون الفولكلور النوبي، وكهف يعكس طبيعة الحياة البدائية قبل إقامة الحضارة النوبية.
ويضم المتحف بحسب معلومات موقع الرسمي على شبكة الانترنت «حديقة متحفية على أعلى مستوى تضم قطعا أثرية من عصور مختلفة».
وأشار الموقع إلى أن المتحف فيه «مقتنيات متنوعة تبدأ من عصور ما قبل التاريخ ببطاقات توضيح باللغتين العربية والإنكليزية الحضارة النوبية جنبا الى جنب مع الحضارة المصرية».
وتفتح متاحف مصر ومنها متحف النوبة أبوابها مجانا يوم الجمعة المقبلة على هامش الإحتفالات في يوم المتاحف العالمي.
المصدر : القدس العربي