الجمعة , ديسمبر 27 2024
أخبار عاجلة
الرئيسية / تراث و مجتمع / رمضان النوبة.. الأكل “أبريه” والشرب “كركديه”

رمضان النوبة.. الأكل “أبريه” والشرب “كركديه”

كتبت : منه الاسواني

دلالة رمضان” عند أهل النوبة تعني مزيجًا من العادات والتقاليد المتفردة التي ارتبطت بهم منذ قديم العصور، ورغم عوامل التقدم والتطور لا زالت تلك العادات تطغى عليهم حتى أصبح لرمضان مذاق خاص ببلاد النوبة.

وعلى الرغم من أن النوبيين آخر من اعتنق الإسلام في مصر بعد حروب طويلة إلا أنهم كعادتهم يخلصون في كل عمل أو عبادة يؤدونها، وعندما يحل شهر رمضان، أو ميسيه” باللغة النوبية، يكون بمثابة احتفال ديني يومي لهم.

الأبريه 

ميسيه آنه ناليه” أو “يعود رمضان عليكم بالخير”.. هي الجملة الأشهر على لسان كل نوبي عند حلول الشهر الكريم، ليبدأ معه سلسلة من العادات والتقاليد الجميلة، والتي تتمسك بها معظم الأسر.

تروي الحاجة نفيسة شديد (من أهالي النوبة) تفاصيل العادات النوبية في استقبال الشهر الكريم قائلة: “تبدأ التجهيزات بالأسرة النوبية قبل حلول الشهر بأيام طوال، هنا لا نجهز الياميش فقط، بل كعادتنا تقوم المرأة النوبية بإعداد الأبريه” وهو ما يوضع على عصير الليمون ليكون المشروب الأساسي والرسمي لكل النوبيين في مختلف بقاع مصر”.

ويصنع الأبريه من خبز رقيق جدًا يخبز على “دوكة من الحديد” ويكسر ثم يوضع في كراتين حتى يتم استخدامه يوميا مع الليمون.

وتكمل الحاجة نفيسة قائلة: “أما المشروب الآخر المفضل لدي كل نوبي فهو الكركديه، فلا يتخيل النوبي يومه بدون ذلك المشروب الطبيعي الذي ارتبط به منذ القدم، ويستخدم النوبي غالبًا الكركديه السوداني وهو أجود الأنواع، وتقوم السيدة النوبية بغلي أوراق الكركديه ثم تصفيتها ووضعها في المبرد حي يقدم مع وجبة الإفطار، وفي كثير من الأحيان تقوم السيدة النوبية بخلط مشروب التمر بالكركديه ليعطي مذاقًا أفضل”.

 

 

سر أشجار النخيل

وعند حلول الشهر الكريم ومع قرب مدفع الإفطار تبدأ الفتيات في تنظيف أرضية المنزل وفرش الحصير ذي الألوان الزاهية ليبدأ رص صواني “الأبريه” والبلح الأسواني الذي لا يعترف النوبي إلا به

وتوضح لنا فاطمة هارون (ربة منزل) سر تعلق النوبي بأشجار النخيل قائلة: “تعلق النوبي بأشجار النخيل يثير الدهشة فالطفل النوبي يُفطم أول ما يُفطم على البلح، ثم يلعب بأجزاء النخلة، ويزين الكوشة وقت زفافه بجريدها، ويأخذ قيلولته على العنجريب وهو السرير المصنوع من جريد النخيل كما أن سقف منزله لا زال مصنوعًا منها أيضًا، وكذلك الأطباق النوبية المعروفة “كالكونتى والكرج”، “ولذا نجد أن أشجار النخيل لها مكانة خاصة لدى كل نوبي، فهو لا يستطيع الاستغناء عنها.

الكابد والإتر

 ومع حلول أذان المغرب يبدأ الرجال والصبية في التدافع إلى المساجد حاملين المياه والبلح والعصائر ليفطروا سويًا في مسجد كل قرية، ثم يعودون مرة أخرى ليجدوا صواني المأكولات مرصوصة على الأرض الترابية المغطاة بالحصير الأسواني.

وعند الحديث عن المأكولات النوبية فهناك العديد من التراث والتقاليد التي لا زالت كل أم نوبية تتبعها بالرغم من التقدم التكنولوجي.

ويعد الكابد” من أشهر مأكولات رمضان عند أهل النوبة، وهي عبارة عن عجين من الدقيق والماء والذي يخبز على دوكة من الطين أو الحديد ليخرج رغيف كبير سميك أشبه بالقطايف الضخمة.

ويستخدم الكابد في أكل “الأوريه” وهو الورق الناعم من البسلة يفرك ويؤكل مع الكابد وأحيانًا يؤكل مع “الإتر” وهي الملوخية المفروكة، كما يقوم النوبي بوضع العسل الأسود مع السمن البلدي علي الكابد  لتمثل التحلية بجانب الشعيرية باللبن.

أما بهجة رمضان فلا تأتي من الزينة التي لا نراها في شوارع بلاد النوبة، ولا تعد من تقاليده، لكن البهجة الحقيقية للنوبي هي ذهابه وأسرته إلى صلاه التراويح، وفي يد مجموعة من الصغار يحملون المياه المثلجة والأكواب البلاستيك لري المصلين عند ظمأهم.

وفي القرى النوبية بأسوان لا تجد موائد الرحمن، حيث إن القرى مغلقة على أهلها، ولا تجد عابري سبيل، لكنك ربما تجد إفطارًا جماعيًا في البيوت أو على المصاطب في الهواء الطلق.

المغتربين

وبسبب اغتراب العديد من أهالي النوبة في محافظات الوجه البحري فإنهم يقومون بمحاولة لم شمل الأسر النوبية جميعها في أيام مختلفة من الشهر الكريم.

كل قرية نوبية بأسوان لها مقر في القاهرة أو محافظات أخرى، وهو عبارة عن شقة كبيرة تلم شمل أهل القرية وهنا يتجمع النوبيون في رمضان في إفطار جماعي تتخلله مظاهر النوبة الأصيلة.

ومع قرب انتهاء رمضان تبدأ النوبيات في رسم الحنة استعدادًا للعيد فتقوم السيدة بنقش الأيدي والأرجل أما الفتاة فتنقش الأيدي فقط، بينا يقوم الأطفال بوضع الحناء في أيديهم مع آخر يوم ليقوموا بإزالته أول أيام عيد الفطر المبارك حيث تلون الأيادي السمراء بالحناء النوبية الحمراء.

وبسبب شده ارتباط النوبي بنهر النيل فإن العائلات تحدد أول أيام عيد الفطر المبارك لتناول وجبة من الأسماك المتنوعة، وهو تقليد استمرت العديد من الأسر النوبية في التمسك به إلى الآن.

أما المنازل التي لا زالت تكسو الرمال أراضيها فيقوم أصحابها في أواخر أيام الشهر الكريم بتغيير الرمال وفرش المنزل بأخرى جديدة استقبالاً للعيد

المصدر : مصر العربيه

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com